حماية للمجتمع وتنظيم إنساني للتكافل الاجتماعي
مقدمة
تُعد ظاهرة التسول من السلوكيات السلبية التي تؤثر على النسيج المجتمعي، وتشوه الصورة الحضارية للمدن، وقد تُستغل أحيانًا لأغراض غير مشروعة مثل الاحتيال أو الاتجار بالبشر أو تمويل الجريمة المنظمة. ومن منطلق حرص المملكة العربية السعودية على معالجة هذه الظاهرة جذريًا، صدر نظام مكافحة التسول بموجب المرسوم الملكي رقم (م/20) بتاريخ 09/02/1443هـ
يسعى هذا النظام إلى معاقبة من يتعاطى التسول بصورة غير مشروعة، مع تمكين الجهات المختصة من رعاية الحالات المحتاجة من خلال القنوات النظامية.
أهداف النظام
- حماية المجتمع من السلوكيات السلبية التي تشوه النظام العام.
- تنظيم التعامل مع حالات التسول وفق آلية واضحة وعادلة.
- ردع كل من يمارس التسول بطرق احتيالية أو يتخذها مهنة.
- حماية الفئات المستضعفة من الاستغلال، كالأطفال والنساء وذوي الإعاقة.
- ضمان وصول الدعم إلى المحتاجين الحقيقيين عبر الجهات الرسمية المختصة.
تعريف المتسول
يعرف النظام المتسول بأنه:
“من يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقداً أو عيناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت.
من يشملهم النظام؟
يشمل النظام كل من يمارس التسول شخصيًا، أو من يحرض عليه، أو يدير شبكات التسول، أو يستغل الغير – كالأطفال أو النساء أو المرضى – لأغراض تسولية.
ويُطبق على المواطنين والمقيمين على حد سواء، مع إبعاد المتسول الأجنبي بعد تنفيذ العقوبة.
العقوبات المنصوص عليها
- يُعاقب كل من امتهن التسول أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده -بأي صورة كانت-على امتهان التسول؛ بالسجن مدة لا تزيد على (ستة) أشهر، أو بغرامة لا تزيد على (خمسين) ألف ريال، أو بهما معاً.
- يُعاقب كل من امتهن التسول أو أدار متسولين أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده -بأي صورة كانت- على أي من ذلك ضمن جماعة منظمة تمتهن التسول؛ بالسجن مدة لا تزيد على (سنة)، أو بغرامة لا تزيد على (مائة) ألف ريال، أو بهما معاً.
- يُبعد عن المملكة كل من عوقب من غير السعوديين -عدا زوجة السعودي أو زوج السعودية أو أولادها- وفقاً لأحكام الفقرتين (1) و(2) من هذه المادة بعد انتهاء عقوبته وفق الإجراءات النظامية المتبعة، ويمنع من العودة للمملكة؛ باستثناء أداء الحج أو العمرة.
- تجوز مضاعفة العقوبة في حالة العود، بما لا يتجاوز ضعف الحد الأقصى المقرر لها.
الجهات المختصة
العديد من الجهات الحكومية تتشارك في تنفيذ ومراقبة تطبيق النظام، ومنها:
- وزارة الداخلية، لضبط المتسولين وتسجيل المخالفات.
- النيابة العامة، للتحقيق وتقديم القضايا للمحكمة.
- وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، لدراسة حالة المتسول المحتاج وتقديم الرعاية له عبر برامج الحماية.
- هيئة حقوق الإنسان، لمراقبة عدم استغلال الضعفاء في التسول وضمان المعاملة الإنسانية.
- وزارة الشؤون البلدية والقروية، لضبط التسول في الأماكن العامة وتنظيم البيئة الحضرية.
التعامل مع المحتاجين الحقيقيين
- تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية للمتسولين السعوديين بحسب احتياج كل حالة، وذلك وفقاً للأنظمة والقرارات ذات الصلة.
- رشاد المتسولين السعوديين للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية والخيرية، ومتابعتهم من خلال الرعاية اللاحقة
- .
الفرق بين التسول والمساعدة النظامية
من المهم التمييز بين التسول العشوائي والمساعدة المشروعة. فالمساعدة الحقيقية تتم من خلال قنوات نظامية، كالجمعيات الخيرية المرخصة والمنصات الحكومية مثل منصة “تبرع”. أما التسول فهو عمل غير منظم يُمارس بدون رقابة، وقد يخفي وراءه استغلالًا أو احتيالًا.
الإبلاغ عن التسول
تسعى الجهات المختصة إلى إشراك المواطن والمقيم في مكافحة الظاهرة عبر وسائل الإبلاغ التالية:
- الاتصال على الرقم 911 (في الرياض ومكة المكرمة و الشرقية) أو 999 في باقي المناطق.
- استخدام تطبيق “كلنا أمن”.
الخاتمة
إن نظام مكافحة التسول في المملكة العربية السعودية لا يستهدف التضييق على الفقراء، بل يُعزز من دور الدولة في إيصال الدعم لمستحقيه، ويحد من استغلال المحتاجين أو تشويه المظهر العام للمجتمع. ومع ما وفره النظام من أدوات رقابية ودعم تكاملي، يُمكن القول إن المملكة تسير بخطى واثقة نحو مجتمع منظم، متكافل، وخالٍ من المظاهر السلبية.
مجموعة فهد آل خفير الدولية للمحاماة والاستشارات القانونية
📞 للتواصل مع مدير عام المجموعة: 0559677777