نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني

إشرافٌ مالي وتنظيمي لحماية الاقتصاد والمجتمع

شهد قطاع التأمين تطورًا ملحوظًا في العقود الأخيرة، نتيجةً للنمو الاقتصادي والتوسع في الأنشطة التجارية والخدمية. ومع اتساع قاعدة العملاء وزيادة المنتجات التأمينية، أصبحت الحاجة ملحة إلى نظام يضمن تنظيم أعمال التأمين والإشراف عليها، ويحمي حقوق المؤمن لهم والمساهمين، ويعزز الشفافية والموثوقية.
ومن هنا صدر نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، ليكون المرجع القانوني والإداري المنظم لهذا القطاع الحيوي، ويضع إطارًا رقابيًا شاملًا يضمن التزام شركات التأمين بالضوابط الشرعية والمهنية.

أولاً: تعريف التأمين التعاوني

التأمين التعاوني هو صيغة من صيغ التأمين تعتمد على التكافل بين مجموعة من الأفراد أو المؤسسات، يساهمون في تحمل الأضرار أو المخاطر التي قد تصيب أحدهم، من خلال دفع أقساط تُكوِّن صندوقًا يُستخدم لتعويض المتضررين.
وتقوم شركات التأمين التعاوني بإدارة هذا الصندوق دون أن تكون مالكة له، مقابل أجر (رسوم إدارة واستثمار)، بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.

ثانيًا: الأساس النظامي

صدر نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني بموجب المرسوم الملكي رقم (م/32) وتاريخ 2/6/1424هـ، ويتكون من 25 مادة تنظم الجوانب التالية:

  • ترخيص مزاولة التأمين.
  • الإشراف والرقابة على الشركات.
  • المتطلبات المالية والتنظيمية.
  • حماية حقوق العملاء.
  • الجزاءات والعقوبات.

ثالثًا: أهداف النظام

يهدف نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني إلى:

  1. تنظيم قطاع التأمين في المملكة وضمان كفاءته.
  2. حماية حقوق المستفيدين من خدمات التأمين.
  3. تعزيز الملاءة المالية لشركات التأمين.
  4. ضمان التزام الشركات بالضوابط الشرعية والنظامية.
  5. الحد من الممارسات الاحتيالية وغير العادلة في القطاع.

رابعًا: شروط الترخيص لشركات التأمين

يُلزم النظام كل شركة ترغب في مزاولة التأمين التعاوني في المملكة بالحصول على ترخيص رسمي من البنك المركزي السعودي، وذلك وفقًا للشروط التالية:

  1.  لا يجوز لأي شخص في المملكة ممارسة أعمال التأمين أو إعادة التأمين أو تقديم الخدمات المساندة للتأمين إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من البنك المركزي السعودي.
  2. مع مراعاة ما ورد بالفقرة (1) من هذه المادة، يشترط في شركة التأمين وشركة إعادة التأمين ما يأتي:
    أ أن تكون شركة مساهمة.
    ب أن يكون غرضها الأساسي مزاولة أي من أعمال التأمين أو إعادة التأمين، ولا تباشر الشركة أغراضاً أخرى إلا إذا كانت لازمة أو مكملة.
  3. لا يجوز لشركة التأمين وشركة إعادة التأمين التقدم بطلب طرح أي من أسهمها للاكتتاب العام إلا بعد موافقة البنك المركز السعودي، ويضع البنك المركزي ضوابط هذه الموافقة.
  4. لا يجوز لشركة التأمين تملك شركات أو مؤسسات وساطة التأمين مباشرة، ولا يجوز لشركة إعادة التأمين تملك شركات أو مؤسسات وساطة إعادة التأمين.
  5. لا يجوز تعديل رأس المال لأي شركة تأمين أو شركة إعادة تأمين إلا بموافقة البنك المركزي السعودي، وطبقاً لأحكام نظام الشركات، وتحدد اللائحة التنفيذية الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لشركة التأمين أو شركة إعادة التأمين، على ألا يقل عن ثلاثمائة مليون ريال سعودي.

 

خامسًا: أنواع التأمين المسموح بها

يسمح النظام للشركات بمزاولة أنواع متعددة من التأمين، تشمل:

  • التأمين الصحي.
  • التأمين على المركبات.
  • التأمين البحري والجوي.
  • التأمين ضد الحريق والمخاطر العامة.
  • التأمين ضد الحوادث والمسؤوليات.
  • إعادة التأمين التعاوني.

ويشترط الحصول على ترخيص مستقل لكل نوع.

سادسًا: الرقابة والإشراف

يتمتع البنك المركزي السعودي بصلاحيات واسعة لمراقبة شركات التأمين، تشمل:

  • مراجعة التقارير المالية الدورية.
  • التحقق من كفاءة إدارة المخاطر.
  • فحص أنظمة الحوكمة الداخلية.
  • الموافقة على تعيين أعضاء مجلس الإدارة.
  • فرض تعليمات بشأن السيولة والاحتياطيات.
  • التدخل في حال وجود مخالفات مالية أو إدارية.

سابعًا: حماية حقوق العملاء

ألزم النظام شركات التأمين بـ:

  • الشفافية في الشروط والأحكام.
  • سرية معلومات العملاء وعدم استخدامها دون إذن.
  • توفير قنوات واضحة لتقديم الشكاوى.
  • الرد على المطالبات خلال فترة محددة.
  • نشر وثائق التأمين المعتمدة على المواقع الإلكترونية.
  • تقديم خدمات ما بعد البيع بجودة مرضية.

كما أتاح البنك المركزي للعملاء تقديم شكاوى عبر منصة “ساما تهتم”.

ثامنًا: الجوانب المالية والحوكمة

ألزم النظام الشركات بـ:

  • تقديم ميزانيات مدققة سنويًا من محاسب قانوني معتمد.
  • الاحتفاظ بهامش ملاءة مالية كافٍ.
  • تكوين مخصصات فنية واحتياطيات لمقابلة المطالبات المستقبلية.
  • تطبيق قواعد الحوكمة بشأن مجالس الإدارة، والمراجعة الداخلية، ولجان المخاطر.
  • الإفصاح المالي الدوري بشفافية.

تاسعًا: من العقوبات على المخالفات

تفرض اللائحة التنفيذية للنظام عددًا من العقوبات في حال الإخلال بأحكامه، تشمل:

  • الإنذار أو التوبيخ الرسمي.
  • الغرامة المالية (تصل إلى 1,000,000 ريال).
  • إيقاف النشاط جزئيًا أو كليًا.

كما يجوز للبنك المركزي إحالة المخالفة إلى النيابة العامة في حال الاشتباه بوجود جرم جزائي.

 

خاتمة

إن نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في المملكة العربية السعودية يُعد أداة تنظيمية شاملة، تضمن استقرار هذا القطاع الحيوي، وتحفظ حقوق كافة الأطراف المتعاملة معه.
وبفضل إشراف البنك المركزي السعودي، وخضوع الشركات لضوابط رقابية صارمة، بات قطاع التأمين في المملكة أكثر نضجًا وشفافية، وقادرًا على دعم الاقتصاد الوطني، وخدمة المواطنين والمقيمين على حد سواء.

مجموعة فهد ال خفير الدولية للمحاماة والاستشارات القانونية
للتواصل مع مدير عام المجموعة: 0559677777