تنظيم المحتوى وضبط الإعلام وفق أسس وطنية
يُعد الإعلام أحد ركائز بناء المجتمع وتشكيل وعيه، ووسيلة للتواصل الثقافي والمعرفي بين الدولة والمواطن. ومن هذا المنطلق، حرصت المملكة العربية السعودية على تنظيم قطاع النشر والمطبوعات من خلال نظام قانوني متكامل يُعرف بـ نظام المطبوعات والنشر، الذي يُعد الإطار التشريعي المنظِّم لكافة أشكال النشر الورقي والإلكتروني في المملكة، سواء من الصحف والمجلات والكتب، أو المواقع والمنصات الرقمية.
أولاً: تعريف نظام المطبوعات والنشر
نظام المطبوعات والنشر هو الإطار القانوني الذي ينظّم عملية إنتاج وتوزيع وتداول المطبوعات الورقية والإلكترونية في المملكة، بما يشمل:
- الصحف والمجلات.
- النشرات والدوريات.
- الكتب والمطبوعات الأدبية والعلمية.
- المحتوى المنشور عبر الإنترنت.
- المواد الإعلانية أو الدعائية المطبوعة.
ويُحدد النظام شروط النشر، والمسؤولية القانونية، والجهة المخولة بالإشراف، والعقوبات المترتبة على المخالفات.
ثانياً: أهداف نظام المطبوعات والنشر
يسعى النظام لتحقيق عدة أهداف استراتيجية، أهمها:
- ضمان حرية التعبير المسؤولة بما لا يخل بالثوابت الشرعية والوطنية.
- تنظيم عملية النشر والطباعة والتوزيع لضمان الجودة والمصداقية.
- حماية حقوق النشر والتأليف.
- منع نشر المحتوى الضار أو المخل بالنظام العام.
- ضبط المسؤولية القانونية عن المحتوى المنشور سواء على الأفراد أو المؤسسات.
رابعًا: شروط إصدار الترخيص للنشر
يشترط النظام على كل من يرغب بممارسة نشاط في مجال النشر أو الطباعة أو التوزيع ما يلي:
- أن يكون سعودي الجنسية، ويجوز -بقرار من وزير الاستثمار- استثناء أي من النشاطات الواردة في المادة ( الثانية ) من النظام من هذا الشرط.
- ان لا يقل عمره عن 25 سنة وللوزير الاستثناء من هذه السن لمسوغات يراها
- ان يكون من المشهود لهم بحسن السيرة والسلوك لممارسة هذا النشاط
- ان يكون حاصلا على مؤهل مناسب، وفق ما تحدده اللائحة التنفيذية.
- في حالة الشركات تطبق الشروط السابقة على ممثليها
- تنظم اللائحة التنفيذية الشروط اللازمة لعمل مكاتب ووسائل الاعلام
- تعيين رئيس تحرير سعودي الجنسية في حال كان النشاط صحفيًا.
خامسًا: ضوابط النشر والمحتوى
يمنع النظام نشر أي مادة تُخالف أحد الضوابط التالية:
- المساس بالعقيدة الإسلامية أو الشريعة.
- التعرض للذات الإلهية أو الرسول ﷺ أو الصحابة.
- التشهير بالأشخاص أو الهيئات دون دليل.
- إثارة النعرات القبلية أو العنصرية أو الطائفية.
- نشر الشائعات أو الأخبار الكاذبة.
- التعرض لرموز الدولة أو مؤسساتها.
- الترويج للمخدرات أو السحر أو الشعوذة أو المحتوى الإباحي.
- مخالفة الذوق العام أو القيم الأسرية.
سادسًا: مسؤولية النشر
وفق النظام، يتحمل المسؤولية القانونية عن المحتوى:
- المؤلف أو الكاتب: عند كتابة مقال أو مادة صحفية.
- رئيس التحرير: مسؤول مسؤولية تضامنية عن المحتوى المنشور.
- الناشر أو مالك الوسيلة: يتحمل المسؤولية الإدارية والمالية.
- مدير المطبعة أو دار النشر: في حالة النشر دون تصريح أو بشكل غير نظامي..
سابعًا: حقوق المؤلفين والناشرين
يحمي النظام حقوق الناشرين والمؤلفين من خلال:
- الاعتراف بحقوق التأليف الفكرية.
- منع نسخ أو إعادة نشر المواد دون إذن.
- فرض غرامات على من يعتدي على الملكية الفكرية.
- تمكين المؤلف من مقاضاة أي جهة قامت بسرقة محتواه.
ثامنًا: العقوبات في حال المخالفة
تشمل العقوبات المنصوص عليها في النظام:
- الغرامات المالية .
- إيقاف الترخيص مؤقتًا أو دائمًا.
- إغلاق المنشأة الإعلامية أو دار النشر.
- منع الكاتب من النشر لفترة محددة.
- نشر العقوبة في وسائل الإعلام.
تاسعًا: النشر الإلكتروني ومنصات التواصل
يشمل نظام المطبوعات والنشر أيضًا:
- المدونات الشخصية.
- الحسابات الإخبارية في وسائل التواصل.
- المواقع الإلكترونية التي تنشر أخبارًا أو مقالات.
- القنوات الرقمية.
ويُلزم النظام هذه الجهات بالحصول على ترخيص رسمي، وإلا تُعد مخالفة صريحة تُعرض صاحبها للعقوبة، خصوصًا إذا كان النشاط تجاريًا أو إخباريًا مستمرًا.
عاشرًا: التوازن بين حرية النشر والمسؤولية
يراعي النظام مبدأ حرية الرأي والنشر، لكنه يربطها بالمسؤولية، بحيث:
- يُسمح بالتعبير عن الآراء الشخصية، شرط ألا تتضمن إساءة أو ضررًا يمس الشريعة او القانون
- يُمنع التحريض أو التشهير أو نشر الأكاذيب.
- يُشجع الإعلام المهني المبني على التحقق والمصداقية.
وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في مساحة الحرية الإعلامية، مع التزام النظام بضبط السلوك العام في النشر.
مستقبل النظام وتطويره
تعمل الجهات المختصة حاليًا على تحديث نظام المطبوعات والنشر ليواكب:
- التحول الرقمي في وسائل النشر.
- ظهور الذكاء الاصطناعي واستخدامه في إنتاج المحتوى.
- القوانين الدولية الحديثة في الإعلام وحقوق النشر.
- تعزيز الإعلام المهني وضمان الاستقلالية مع المساءلة.
خاتمة
إن نظام المطبوعات والنشر في المملكة العربية السعودية يُعد أحد أعمدة البنية الإعلامية الحديثة، حيث يوازن بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية، ويحمي الحقوق الفكرية للمؤلفين والناشرين، وينظّم عمل المؤسسات الإعلامية على أسس مهنية وقانونية.
ومع التطورات التقنية والاجتماعية، يبقى النظام في حالة تحديث مستمر لضمان إعلام وطني مسؤول، ومحتوى يحترم القيم ويخدم التنمية.
مجموعة فهد ال خفير الدولية للمحاماة والاستشارات القانونية
للتواصل مع مدير عام المجموعة: 0559677777