مقدمة
تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بحماية الأفراد وضمان كرامتهم وحقوقهم، وتعتبر مكافحة جريمة التحرش جزءًا أساسيًا من جهودها في هذا المجال. إدراكًا لخطورة التحرش وآثاره النفسية والاجتماعية على الفرد والمجتمع، أصدرت المملكة نظام مكافحة جريمة التحرش لتعزيز الأمن الاجتماعي، ولضمان توفير بيئة آمنة وصحية تتماشى مع القيم الإسلامية والمبادئ الإنسانية.
في هذا المقال، سنتناول مفهوم التحرش وفق النظام السعودي، أهداف النظام، أبرز مواده، العقوبات المقررة، ودوره في تعزيز حماية الأفراد والمجتمع.
تعريف التحرش
عرّف نظام مكافحة التحرش السعودي الجريمة بأنها:
“كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة.”
بهذا التعريف الشامل، يغطي النظام كافة أشكال السلوكيات ذات الطابع الجنسي غير المرحب بها، سواء كانت لفظية أو جسدية أو إلكترونية.
أهداف النظام
يهدف نظام مكافحة جريمة التحرش إلى تحقيق عدة غايات مهمة، أبرزها:
- ✅ حماية كرامة الإنسان واحترام خصوصيته وحريته الشخصية.
- ✅ التصدي للسلوكيات المخلة بالآداب العامة، والحد من انتشارها.
- ✅ تعزيز الشعور بالأمان في المجتمع، خاصة في أماكن العمل والتعليم والأماكن العامة.
- ✅ تحقيق الردع العام والخاص من خلال فرض عقوبات مشددة على مرتكبي الجريمة.
- ✅ دعم الضحايا وتوفير قنوات آمنة للإبلاغ والحماية.
العقوبات المقررة في النظام
- .١يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من ارتكب جريمة تحرش.
- ٢تكون عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود أو في حالة اقتران الجريمة بأي مما يأتي:
أ- إن كان المجني عليه طفلاً.
ب- إن كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ج- إن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه.
د- إن وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية.
هـ- إن كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد.
و- إن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك.
ز- إن وقعت الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
- 3- يجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبات المشار إليها في هذه المادة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية.
- – يعاقب كل من حرض غيره، أو اتفق معه، أو ساعده بأي صورة كانت، على ارتكاب جريمة تحرش؛ بالعقوبة المقررة للجريمة.
- يعاقب كل من شرع في جريمة تحرش بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها.
– يعاقب كل من قدم بلاغاً كيديًّا عن جريمة تحرش، أو ادعى كيداً بتعرضه لها، بالعقوبة المقررة للجريمة.
مهام الجهات المعنية
- يجب وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل في كل منها، على أن يشمل ذلك:
أ- آلية تلقّي الشكاوى داخل الجهة.
ب- الإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكاوى وجديتها وبما يحافظ على سريتها.
ج- نشر تلك التدابير، وتعريف منسوبيها بها. - يجب على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي مساءلة أي من منسوبيها -تأديبيًّا- في حالة مخالفته أيًّا من الأحكام المنصوص عليها في هذا النظام، وذلك وفقاً للإجراءات المتبعة
- – لا تخل المساءلة التأديبية التي تتم وفقاً لهذه المادة بحق المجني عليه في التقدم بشكوى أمام الجهات المختصة نظاماً.
قنوات الإبلاغ والدعم
أتاحت المملكة عدة قنوات آمنة وميسرة لتلقي بلاغات التحرش، منها:
- الرقم الموحد 911
- تطبيق كلنا أمن الذي يتيح الإبلاغ الإلكتروني بسرية تامة.
كما تضمن النظام حماية خصوصية المبلغين والضحايا، ومنع الإفصاح عن هويتهم إلا للجهات المعنية.
- – يلتزم كل من يطّلع -بحكم عمله- على معلومات عن أي من حالات التحرش؛ بالمحافظة على سرية هذه المعلومات.
- لا يجوز الإفصاح عن هوية المجني عليه، إلا في الحالات التي تستلزمها إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة.
الخاتمة
أثبت نظام مكافحة جريمة التحرش فعاليته في التصدي لهذه الجريمة البشعة التي تهدد أمن الأفراد والمجتمع و ترسيخ ثقافة الاحترام والكرامة وحماية الحقوق واستمرار التطوير التشريعي والتوعوي يعكس التزام المملكة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وسعيها الدؤوب نحو تحقيق بيئة أكثر أمانًا وعدالة لكل من يعيش على أرضها.