يُعد التستر التجاري من القضايا البارزة، لما له من تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني وسلامة بيئة الأعمال. تسعى المملكة إلى مكافحة هذه الظاهرة بفعالية من خلال أنظمة صارمة وبرامج توعوية وإصلاحات تهدف إلى حماية الاقتصاد وتعزيز شفافية الأعمال التجارية.
ما هو التستر التجاري؟
التستر التجاري هو عملية يُمكّن فيها المواطن أو المستثمر الأجنبي شخصًا غير سعودي من ممارسة نشاط تجاري لحسابه الخاص باستخدام اسم المواطن أو السجل التجاري أو التراخيص الخاصة به. يؤدي هذا السلوك إلى تهرب الشخص الأجنبي من الالتزامات النظامية والضريبية، مما يضر بالنظام الاقتصادي والعدالة في المنافسة التجارية.
أشكال التستر التجاري
تتعدد صور التستر التجاري، ومن أبرزها:
- الاستغلال غير القانوني للسجلات التجارية: حينما يقوم المواطن بتمكين الأجنبي من استخدام سجله التجاري لتسيير أعماله.
- التراخيص غير المشروعة: عندما يُمنح الأجنبي تراخيص حكومية باستخدام اسم المواطن.
- الإدارة المخفية: حيث يدير الأجنبي المشروع بالكامل بينما يظهر المواطن كمالك صوري فقط.
- المعاملات النقدية غير الموثقة: غالبًا ما تُجرى العمليات المالية نقدًا لتجنب التتبع البنكي والإفصاح الضريبي.
آثار التستر التجاري
1. الأضرار الاقتصادية:
- يؤدي التستر إلى إضعاف الاقتصاد المحلي من خلال عدم تسجيل النشاطات التجارية في الاقتصاد الرسمي.
- يساهم في تهرب الأعمال من دفع الضرائب والرسوم المستحقة.
2. منافسة غير عادلة:
- يُضر التستر بالتجار النظاميين من خلال تمكين غير المؤهلين قانونيًا من دخول السوق بشكل غير عادل.
- يخفض من فرص الاستثمار الشرعي ويعيق نمو القطاع الخاص.
3. فقدان ثقة المستثمرين:
- تُضعف الظاهرة الثقة في بيئة الأعمال، مما قد يؤثر سلبًا على استقطاب المستثمرين المحليين والدوليين.
جهود المملكة في مكافحة التستر التجاري
1. نظام مكافحة التستر التجاري الجديد
أصدرت المملكة نظام مكافحة التستر التجاري الذي يهدف إلى تعزيز الشفافية ومعاقبة المتورطين في هذه الجريمة. يتضمن النظام:
- تشديد العقوبات: فرض غرامات تصل إلى 5 ملايين ريال سعودي والسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات.
- الإبلاغ الإلكتروني: تمكين الأفراد من الإبلاغ عن حالات التستر التجاري بسرية تامة عبر منصات متخصصة مثل منصة “بلاغ تجاري”.
2. الحملة الوطنية لمكافحة التستر التجاري
تسعى الحملة إلى زيادة وعي المجتمع بخطورة هذه الظاهرة وتوفير حلول قانونية تمكن الأفراد من تصحيح أوضاعهم التجارية.
3. تصحيح الأوضاع:
قدمت وزارة التجارة برنامجًا يتيح للمتورطين فرصة تصحيح أوضاعهم القانونية دون مواجهة عقوبات، بشرط الالتزام بالتوجيهات والمهل الزمنية المحددة.
4. تعزيز الرقابة:
تعمل الجهات الحكومية بالتعاون مع الهيئات الرقابية على تعزيز التفتيش ومتابعة الأنشطة التجارية المشبوهة.
دور المحامين في مكافحة التستر التجاري
1. التوعية القانونية:
يساهم المحامون في نشر الوعي القانوني بين التجار حول مخاطر التستر التجاري والالتزامات النظامية المترتبة عليه.
2. تقديم الاستشارات القانونية:
تقديم الدعم القانوني للأفراد والشركات المتضررة أو الراغبة في تصحيح أوضاعها وفقًا للنظام.
3. الترافع في القضايا:
يتولى المحامون الدفاع عن المتهمين بالتستر أو تمثيل الأطراف المتضررة في النزاعات التجارية.
4. صياغة العقود التجارية:
يساعد المحامون في إعداد العقود التجارية بشكل قانوني يحمي حقوق الأطراف ويمنع التستر.
التحديات في مكافحة التستر التجاري
1. صعوبة الإثبات:
غالبًا ما تكون المعاملات التي تنطوي على تستر غير موثقة، مما يجعل إثباتها أمام القضاء تحديًا كبيرًا.
2. قلة الوعي:
لا يزال هناك نقص في معرفة الأفراد والشركات بأبعاد وخطورة التستر التجاري والعقوبات المترتبة عليه.
3. التلاعب القانوني:
يلجأ بعض المتورطين إلى استخدام وسائل قانونية ملتوية للتهرب من المساءلة، مما يزيد من تعقيد القضايا.
الحلول المقترحة للحد من التستر التجاري
1. تعزيز الرقمنة:
زيادة استخدام التكنولوجيا في تتبع العمليات التجارية ومراقبة النشاطات المالية.
2. تدريب الكوادر الرقابية:
رفع كفاءة المفتشين والمراقبين لتحسين جودة التحقيقات والكشف عن الحالات المشبوهة.
3. نشر التوعية:
إطلاق حملات توعوية مستمرة تستهدف الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة لزيادة فهمهم لأضرار التستر.
4. دعم التحول إلى الاقتصاد النظامي:
تشجيع المستثمرين الأجانب على الامتثال للقوانين من خلال تسهيل إجراءات التراخيص وتقديم الحوافز.
الخاتمة
التستر التجاري ظاهرة تهدد الاقتصاد الوطني، لكن الجهود المتواصلة من الحكومة والمجتمع القانوني تُسهم في مواجهتها بفعالية. على الأفراد والشركات أن يدركوا أهمية الالتزام بالنظام لتحقيق العدالة التجارية وتعزيز ثقة المستثمرين.
مجموعة فهد ال خفير الدوليه للمحاماة والاستشارات القانونية
للتواصل مع مدير عام المجموعة :0559677777